- المصدر: اقتصاد مال و اعمال السوريين
- 5138 قراءة
"أبو كمال" وبسطة الحلويات.. قصة كفاح مألوفة بين السوريين في تركيا
لم يكن الخروج من الوطنِ عائقاً أمامَ السوريون للاستمرارِ في الحياة ونقل أعمالهم إلى بلادِ الغربة. ومنهم، "يحيى الخطيب- أبو كمال"، لاجئ سوري من جبلِ الزاوية في ريف إدلب، يعمل بمهنةِ صناعة الحلويات منذ 17 عاماً.
يقول "أبو كمال" في حديثٍ خاصٍ لـ "اقتصاد" إنه غادر سوريا هو وعائلته في أواخر عام 2013 إثر اقتحام قوات النظام جبل الزاوية. وهاجر "أبو كمال" إلى تركيا واستقرَ في مدينةِ الريحانية. وهناك وجد "أبو كمال" تحدياً غير معتاد على صعيد المعيشة، يختلفُ تماماً عما عاشه في سوريا، إذ لم يُعد لديه منزل "مِلك"، وبات يعاني الكثير من الصعوباتِ والمشقّة المعيشية.
في البدايةِ لم يكن يعلم ماذا يجب أن يفعل، لكنه لاحقاً قرّر أن يستمرَ في مهنته إلى أن تهدأ الأوضاع في سوريا ويعودُ إليها. فقام باستئجار محلٍ صغيرٍ في شارعِ بازار الأربعاء، واشترى عدّة صناعة الحلويات من مبلغ كان يدخره سابقاً في سوريا، وبدأ من هنا حياة جديدة.
"أبو كمال" البالغ من العمر 35 عاماً، اختارَ مدينة الريحانية الواقعة على الحدود التركية السورية لقُربها من وطنهِ، ولأنها تعد تجمعاً كبيراً للسوريينَ في تركيا حيث يستقرُ فيها أكثرَ 150 ألف لاجئ سوري، ناهيك عن أن المعيشةَ فيها رخيصةً نوعاً ما، مقارنةً بباقي المُدن التركية.
وفي صباحِ كل يومٍ يخرجُ "أبو كمال" من منزلهِ إلى محلهِ ليبدأ بتنظيفه وتجهيز الحلويات السورية (الحلاوة بالجبن - نمورة - والشعبيات الإدلبية)، ومن ثم يبدأ بعرضِ مأكولاته على بسطتهِ أمام محله، عندها يكون الأهالي قد بدأوا بالتوافد على السوق ليشتروا حاجاتهم.
زوجة "أبو كمال" تساعدهُ بالتجيهزاتِ صباحاً، وتغادر بعد الانتهاء من التجهيزاتِ الأولية للحلويات، وبعدها يأتي ابنه البالغ من العمر 11 عاماً، ليساعده في المحل ويقفُ معه على "البسطةِ" ليبيع الزبائن.
يوضح "أبو كمال" أن المردود الشهري الذي يجنيه من مهنته بالكاد يغطي معيشة أسرته إلى جانب إيجار منزله ومحله. ولا يستطيع "أبو كمال" إدخار أية أموال، إذ أنّ المعيشةَ في تركيا صعبة، ولا سيّما أنه لا يستطيع تشغيل "صانع" لديه كي يوفر أُجرتهِ. لذلك تساعدهُ زوجتهُ وابنه.
إذا لم يكن لديك مهنة لا تستطيع العيش أبداً في تركيا، حسب "أبو كمال"، ذلك أن أجرة العامل لا تتجاوز الـ 500 ليرة تركية في مدينة الريحانية. وهو مبلغ ضئيل مقارنة بمتطلبات الحياة هناك.
ورغمَ بساطة محل "أبو كمال" إلا أنه يُعتبرُ من محلات الحلويات المشهورة في مدينةِ الريحانية. ويُقبلُ عليه السوريون والأتراك، كما قال "أبو رضوان الدوماني" المُقيم في المدنية مُنذُ سنوات، في تصريح لـ "اقتصاد"، إذ يتردد "أبو رضوان" إلى المحل بين الحين والآخر لشراءِ الشعيبيات والحلاوة بالجبن، فهي تذكره برائحة بلاده، على حد وصفه.
"أبو كمال" ختم حديثنا معه قائلاً: "لا ينضب أملي في أن يسقطَ نظام الأسد الذي شردنا وأبعدنا عن الوطنِ، عاجلاً غير آجل، حتى أتمكنَ من العودةِ إلى بلدتي وأمارس مهنتي هناك من جديدٍ بين أهلي وأحبتي. رغمَ كل شيء فلا يُوجد أغلى من الوطن".